أصبح من الصعب بمكان تشريح الوضعية المقلقة التي تتخبط فيها مولودية الجزائر بعد تذبذب نتائجها في البطولة، وقد أخطأ من ظن في السابق، أن معاناة الفريق كانت بسبب الطاقم الفني، ذلك أن ذهاب البرتغالي أرتور جورج واستخلافه بالمدرب الجزائري إيغيل مزيان، لم يحدث الاستفاقة المنتظرة من كل الذين يتابعون عن قرب أو عن بعد، خطوات العميد في المنافسة باستثناء الانتصار المحقق أمام شبيبة القبائل في الجولة التاسعة.
لكن لا يمكن القياس على ذلك الفوز بعدما عاود الفريق تسجيل النتائج السلبية بعقر داره، مثلما كانت الحال الخميس الفارط بملعب 5 جويلية أمام أمل الأربعاء، صاحب المركز الأخير في البطولة، حيث كرر العميد أمام جمهوره بملعب 5 جويلية، سيناريو الأخطاء التي ارتكبها في لقائه أمام تاجنانت بملعب بولوغين، فعوض أن يحافظ على تقدمه في النتيجة ( 3-0 ) التي كانت لصالحه، ترك الزوار يعبثون بالدفاع ويسجلون عليه ثلاثة أهداف كاملة في ظرف ربع ساعة؛ فلا المدرب مزيان إيغيل ولا الأنصار ولا حتى المسيرون فهموا ماذا حدث لتشكيلتهم، بل إن الفريق الزائر هو أيضا لم يكن يتوقع وصوله ثلاث مرات وفي أسرع وقت إلى شباك الفريق الخصم. وكان واضحا أن خط الدفاع هو المتسبب في تلك الأخطاء التي أعادت الأمل لأمل الأربعاء، مثلما اعترف بذلك المدرب إيغيل، الذي لم يجد منفذا آخر لتبرير تعثر تشكيلته سوى الحديث عن ضعف الخط الخلفي واللياقة البدنية للاعبين، لكن الذي لم يفهمه أنصار العميد هو تغيّر مواقف مدربهم إيغيل مزيان، فعند استلامه العارضة قال هذا الأخير إن تعداد الفريق ممتاز، وقد ترك الانطباع من خلال كلامه الأول، أنه عاين التشكيلة قبل أن يمنح موافقته لتدريب مولودية الجزائر، حتى إنه صرح في أعقاب الانتصار العريض المحقق ضد شبيبة القبائل، بأنه بوسع مولودية الجزائر اللعب على لقب البطولة، فما الذي جعله اليوم يتراجع عن موقفه، ويؤكد أن بعض لاعبي الفريق مستواهم ضعيف ولا يستحقون حمل ألوان النادي العاصمي، منتقدا أيضا الاستعداد البدني للاعبين؟
إنها المفارقات العجيبة التي تحدث في مولودية الجزائر، أو بمعنى آخر، أن المسيّرين الذين قاموا بعملية الاستقدامات في عهد الرئيس السابق رايسي، لم يحسنوا الاختيار عند إعداد التشكيلة بحلتها الجديدة في الصائفة الفارطة، وأن المكلف بالتحضير البدني ماتيجاس أخلّ بواجبه في هذا الجانب. وقد فهم الجميع من كلام المدرب مزيان إيغيل أن هذا الأخير أراد أن يقول إن عمله الحقيقي في مولودية الجزائر، سيبدأ خلال الاستراحة القادمة للبطولة التي ستسجل عودة اللاعبين المصابين بن براهم، شيتة، مقداد وصلاح الدين، وبعدها سيكون معه حديث آخر حول ما سيفعله بالفريق الذي سيعرف تعداده بعض التغييرات بعد أن طلب إيغيل من إدارة النادي استقدام لاعبين آخرين في المناصب التي شخّص فيها الضعف، فضلا عن توقّع تسريح العناصر التي لا يرى فيها أي منفعة مع الفريق.
هذا الموقف سيتبناه، بدون شك، مسيّرو العميد بسبب ثقتهم في قدرات مدرب فريقهم ورغبتهم في الحفاظ على استقرار العارضة الفنية، فضلا عن أنهم يدركون، شأنهم شأن الأنصار، أن الاستعانة بمدرب آخر في هذه المرحلة بالذات، تُعد بمثابة مراهنة خطيرة على مستقبل الفريق في البطولة؛ فإدارة النادي ستكون مستعدة لتدعيم العارضة الفنية، لا سيما أنها قررت تسريح المدرب المساعد البرازيلي فالدو ومدرب حراس المرمى، حيث يجري الحديث عن قدوم التقني "كبير" كمساعد لإيغيل في العارضة الفنية، بالإضافة أيضا إلى الاستعانة بالحارس القديم للعميد لزوم، الذي سيتكفل بتدريب حراس المرمى.
وفي نظر الملاحظين الذين يتابعون مسيرة مولودية الجزائر في البطولة، سيطالب المدرب مزيان إيغيل بالحصول على كامل الصلاحيات فيما يخص التسيير الانضباطي للفريق، بعد أن أكدت بعض المصادر أن المدرب مستاء من التساهل المفرط من المسيّرين تجاه اللاعبين، على اعتبار أن إيغيل بنى دوما استراتيجيته على التحكم في الانضباط في كل الفرق التي دربها، حيث وجد نفسه في العميد أمام وضعيات لا يمكن له السكوت عنها، وقد تريّث لاتخاذ موقف صريح منها بسبب تواجده الجديد في النادي.
فتح تحقيق حول ما جرى في مباراة أمل الأربعاء
أما موقف إدارة النادي مما حدث ضد أمل الأربعاء فلم يتضح بعد، لا سيما أن الرئيس بتروني قرر استدعاء جميع لاعبي الفريق بعد أن وصلته أخبار تتحدث عن وقوع تراخ عمدي من بعض عناصر الفريق خلال المباراة الأخيرة؛ بمعنى أن مسيري النادي يشتمّون رائحة المؤامرة ضد الفريق، إلا أن المدرب إيغيل الذي بدأ يشعر بالتعب والقلق، رفض الحديث عن وجود مشاكل ضمن فريقه، وطلب فقط من مسيّريه إعداد ظروف تحضير جيدة لتشكيلته خلال توقف البطولة، لكن لازالت إدارة النادي مترددة في تحديد مكان التربص المبرمج من طرف الطاقم الفني، مع الإشارة إلى أن اللاعبين عادوا اليوم إلى أجواء التدريبات بعد ثلاثة أيام من الراحة.
تجدر الإشارة إلى أن المباراة التي كان مقررا أن يلعبها فريق العميد ضد اتحاد الجزائر لحساب الجولة القادمة من البطولة، ألغيت بسبب مشاركة هذا الأخير في ذهاب نهائي رابطة الأبطال، وبذلك ستستفيد مولودية الجزائر من فترة راحة طويلة تدوم إلى غاية 21 نوفمبر الجاري بمناسبة توقف بطولة الرابطة الأولى.