زوبير باشي دكتور الملاعب الجزائرية
قليلون
هم اللاعبون الذين وُفقوا في ممارستهم لرياضة كرة القدم والدراسة، ومن بين هؤلاء نجد اللاعب السابق
لمولودية العاصمة والمنتخب الوطني ****ر باشي، فبقدر ما كان فنانا فوق الملاعب بقدر
ما أوهبه الله عز وجل بنعمة الدراسة والتي قادته بعد اعتزاله الكرة إلى مداواة
المرضى، لكن حتى وإن مرّ على اعتزاله ثلاثين سنة إلا أن بصماته فوق الملاعب
الجزائرية لن تمحى من ذاكرة أرشيف كرتنا، حيث شكل
خلال سنوات السبعينيات أحد أحسن وألمع اللاعبين في الخط الأمامي، فشكل رفقة الجيل
الذهبي للمولودية في تلك العشرية أحسن فترة عرفها هذا الفريق العريق، وهو الجيل
الذي قاد العميد كما نعلم كلنا في شتاء عام 1976 بإهدائهم أول كأس قارية للأندية
للجزائر المستقلة بتفوقهم في المباراة النهائية بضربات الجزاء بملعب 5 جويلية على حافيا
كوناكري الغيني.
ولد ****ر باشي عام 1950 بأحد الأحياء الشعبية بأعالي العاصمة، أول
فريق لعب له ****ر باشي كان شبيبة الأبيار، وعمره لم يكن يتعدى العاشرة، في صنف
المبتدئين، ورغم صغر سنه إلا أنه كان يجيد مداعبة الكرة بقدميه وبرأسه، فكان محل
إعجاب كل من شاهده وهو صغير، يداعب الكرة بقدميه الناعمتين.
وجد ****ر باشي في شبيبة الأبيار كل الراحة، الأمر الذي جعله يمكث في هذا
الفريق إلى غاية بلوغه سن السادسة عشر، ففي عامه الثاني مع صنف الأشبال، قرر تغيير
الأجواءإلى العميد مولودية الجزائر، وهو الفريق الذي لم يغادره إلى أن وصل لسن
الثلاثين حيث عاد إلى من حيث انطلق شبيبة الأبيار وهو الفريق الذي اعتزل فيه الكرة
في عام 1994، وقبل هذا العام لعب باشي ثلاثة مواسم كاملة في اتحاد الصحة رفقة نخبة
من اللاعبين الكبار آنذاك نخص بالذكر كل من الحارس الدولي الكبير محمد عبروق
سنة في المولودية ونصف
سنة في شارلوروا البلجيكي
لم يشكل
انتقال ****ر باشي إلى مولودية العاصمة مفاجأة لمحبي هذا الفريق، لكن في نهاية أول
موسم له مع المولودية قرر ترك النادي وشد رحاله إلى بلجيكا لمواصلة دراسته هناك، وبعد
انتقاله إلى بلجيكا قرر اللعب لنادي شارلوروا، لكن سرعان ماعاد باشي إلى أرض الوطن
لأسباب عائلية، لكن حنينه وحبه للمولودية جعله يمضي من جديد لهذا النادي العريق
الذي كانت كل أسرته متعلقة به.
باشي وسنوات المجمد في المولودية
فور عودة ****ر باشي إلى العميد، راح يصنع لنفسه اسما في عالم كرة القدم الجزائرية،
فرغم فورمولوجيته الضعيفة إلا أن ذلك لم يشكل عائقا لباشي الذي وفق بين الدراسة
ولعبة الكرة، ففي الوقت الذي كان يشق طريقه بنجاح كان يشق طريقا أكثر نجاحا وهو
حصوله على شهادة الباكالوريا بتقدير جيد جدا، مما مكنه من اختيار دراسة الطب.
في موسم 1970 - 1971 حاز
العميد بقيادة الشاب ****ر باشي على أول كأس للجزائر، بفضل تسجيله لهدفين في
اللقاء النهائي الذي انتهى بفوز العميد على الجار الاتحاد 4 - 2.
في نهاية تلك السنة قاد ****ر باشي فريقه المولودية إلى
معانقة كأس المغرب العربي للأندية الحائزة على الكؤوس بتغلبه في اللقاء النهائي على
النادي الصفاقسي التونسي.
مسيرة باشي مع التألق تواصلت، حيث حاز على العديد من التتويجات المحلية، ثلاث بطولات وطنية
وكأسين للجزائر وكأس مغاربية ثانية عام 1974، لكن التتويج الأهم كان كأس إفريقيا
للأندية البطلة عام 1976 وهي السنة التي وصل فيها فريق المولودية إلى قمة المجد
بحصوله على ثلاثية تاريخية، لم يحصل عليها أي فريق جزائري آخر إلى حد اللحظة.
لكن قبل هذا بأربع سنوات وفي ربيع عام 1972 شكل إقصاء المولودية أمام حمراء
عنابة في الدور نصف النهائي من كأس الجزائر بملعب بن عبد الملك بقسنطينة أسوأ ذكرى
في حياة ****ر باشي، ولا يزال يتذكر تلك الخسارة المرة إلى غاية اللحظة، ومما زاد
في مرارة الخسارة أن الفريق العاصمي الثاني اتحاد الجزائر تأهل إلى الدور النهائي،
وكان يتمنى باشي أن يكرر ما حققه قبل ذلك بسنة بملعب 20 أوت حين قاد المولودية إلى
معانقة أول كأس جزائرية، لكن مرارة الهزيمة تمثلت كذلك أنه كان يتمنى شأنه شأن جميع
محبي الفريق أن يكون أول نهائي لكأس الجزائر بملعب 5 جويلية بعد تدشينه ببضع
أسابيع بين فريقين عاصميين المولودية والاتحاد لتكون المباراة بمثابة عيد رياضي كبير،
لكن الفرحة لم تكتمل ونشط أول نهائي بملعب 5 جويلية بين اتحاد الجزائر وحمراء
عنابة، وهو النهائي الذي عاد لهذا الأخير
باشي والثلاثية الخالدة
كما سبق الذكر تعد سنة 1976 أحسن سنة في مسيرة
المولودية منذ تأسيسه في عام 1921، بحصوله على ثلاثة ألقاب دفعة واحدة، كأس
الجزائر بتفوقه في نهائي تاريخي مثير على مولودية قسنطينة بهدفين لصفر وقعهما كل من بن شيخ في الدقيقة
الثانية وبلمو في الدقيقة العاشرة، وعلى لقب البطولة الوطنية عن جدارة واستحقاق، أهم
اللقب الثالث وهو أغلى من اللقبين السابقين الذكر، إنه كأس إفريقيا للأندية البطلة.
فقبل أن يصعد ****ر باشي إلى منصة التتويج بملعب 5 جويلية لمعانقة
الرئيس الراحل هواري بومدين ليمنحه الكأس الإفريقية الغالية، خاض ****ر ورفقاؤه مسيرة طويلة
وجدُ شاقة البداية كانت من طرابلس أمام الاتحاد الليبي، وبعد إقصائه لهذا الفريق، جاء
دور الأهلي المصري، ثم ناي الفهود الكيني، وفي المربع
الذهبي فريق رنجرس النيحيري، وفي اللقاء النهائي، لعب ضد حامل الكأس حافيا كوناكري
الغيني.
باشي والفريق الوطني أفراح لم تكتمل
قصة الدكتور ****ر باشي مع الفريق الوطني كانت في عام 1970 أمام نادي سانت
ايتيان الفرنسي، حيث وجه له الدعوة المدرب عبد الحميد زوبا الذي كان يساعده
والراحل بن تيفور.
وجد باشي الذي كان يبلغ من العمر 20 سنة إلى جانب نخبة من
اللاعبين الجزائريين الكبار، نخص بالذكر مختار كالام ومصطفى سريدي وحسن لالماس، باشي
قدم خلال هذا اللقاء وجها طيبا نال رضا المدرب زوبا، وفضل الاحتفاظ به، لكن سرعان
ما تم الاستغناء عنه، لانشغاله بالدراسة، حيث لعب باشي إلا ثماني مباريات فقط، الأمر
الذي جعل أفراحه لم تكتمل، لكن بالنسبة لباشي هو أنه حمل الألوان الوطنية وعمره
عشرين ربيعا، وهو من بين اللاعبين القلائل الذين لعبوا للفريق الوطني وعمرهم دون
العشرين.
غادر المولودية بدموع حزينة
حتى وإن نقش ****ر باشي اسمه بأحرف من ذهب في سجل مولودية العاصمة، بفضل طريقة أدائه الرائعة،
إلا أن طريقة مغادرته فريق المولودية كانت عكس ما كان يتمناه اللاعب نفسه، ففور
تتويج المولودية بلقب البطولة الوطنية عام 1979، قررت الإدارة المسيرة للمولودية بإيعاز من وزير الشباب والرياضة آنذاك
جمال حوحو الاستغناء عن نجوم الفريق منهم بتروني وباشطا وكاوة وباشي، بحجة كبر سنهم، وهو ما أثار حينها سخط جماهير المولودية، خاصة وأن باشي
كان يبلغ من العمر 29 سنة فقط.
من المولودية إلى اتحاد الصحة إلى شبيبة الأبيار
فالاعتزال
بعد مغادرته مولودية الجزائر بدموع حزينة، فضل باشي اللعب لاتحاد
الصحة، كونه كان إطارا في هذا القطاع، وهذا إلى جانب بعض من اللاعبين الكبار نذكر
منهم حارس شباب بلوزداد والمنتخب الوطني محمد عبروق وخلاف وهيريدة.
دام بقاء باشي في اتحاد الصحة ثلاثة مواسم، من 1979 إلى 1982، ليعود باشي من
جديد إلى الفريق الذي باشر فيه مسيرته الكروية وهو شبيبة الأبيار، حيث لعب له
موسما واحدا، ليقرر في مطلع صائفة 1983، ويتفرغ نهائيا لمهنته طب الأسنان