أصبحت ظاهرة استقالة رؤساء نوادي كرة القدم الجزائرية، محض حلقات فكاهية تمتزج فيها الفكاهة بالعبث، في فصل مؤس يؤشر على تخبطات الجلد المنفوخ في الجزائر.
باتت استقالة أي رئيس ناد في الجزائر ولمرات متتالية، وتراجعه في كل مرة وفي وقت قياسي، أمرا مألوفا لدى الجماهير، على نحو حوّل المسيرين المعنيين إلى مادة لتندّر وتهكّم وسخرية الرأي العام، خصوصا مع تفنن هؤلاء الرؤساء في إبتكار الأسباب والتي تؤدي جميعها إلى نتيجة واحدة وهي "بقاءهم على رأس أنديتهم".
وباستثناء "رضا مالك" الذي استقال فعليا، وتنحى عن "شباب بلوزداد" لفائدة "محمد بوحفص"، تكررت سيناريوهات "التنحي ثمّ العودة" مع "محمد لعايب" و"عبد القادر مانع" الرئيسان المتخاصمان لاتحاد الحراش، وكانت حجتها المشتركة في عملية كرّ والفرّ، ما اصطلحا عليه وظلاّ يجترانه "نداء القلب" !
الأمر ذاته، تكرّس في بيت "شبيبة القبائل" مع الرئيس (الأبدي) "محند شريف حناشي" (66 عاما) الذي لا يزال متشبثا برئاسة "الكناري"، وهو منصب ظلّ يشغله منذ سنة 1993، وعصف مُذ ذاك بـ 48 مدربا منذ زمن (الجامبو جات)، ما جعله يتصدر رؤساء نوادي العالم من حيث nإقالة المدربين !
والمثير في حكاية "حناشي" أنّ هذا الرجل حطّم الرقم القياسي في عدد الإستقالات الوهمية والتي بلغت ما لا يقلّ عن 27 استقالة، وهي نغمة لا يتوانى "حناشي" عن ترديدها في كل مناسبة يواجه فيها ضغطا من طرف قدامى وعشاق الفريق الأصفر والأخضر، وطبعا يعود "حناشي" في كل مرة بداعي "استجابته للضغوط، وعدم استعداده للتفريط في نادي القلب".
السيناريو ذاته "يكابده" جمهور مولودية وهران مع رئيس الفريق "أحمد بابا" الذي أعلن مرارا وتكرارا عن استقالته، قبل أن يعود كأنّ شيئا لم يكن، وآخرها قبل أيام.
وكانت آخر الخرجات من نصيب رئيس مولودية الجزائر "عمر غريب" الذي أعلن استقالته هو الآخر من رئاسة نادي مولودية الجزائر، متحججا في ذلك بـ "الوسط الكروي الذي وصفه بـ "الفاشل"، وبرّر اخفاقه في تحقيق الأهداف التي وعده بها أنصار "الشناوة" بداية الموسم المنقضي، بتضييعه للقب البطولة في آخر جولاتها لصالح وفاق سطيف، وخروجه من منافسة كأس الجمهورية في الدور النصف نهائي أمام ذات المنافس بطريقة أساءت لصورة عميد الأندية الجزائرية، بيد أنّ الغريب في حالة "غريب" أنّه أشهر "الاستقالة" للتعمية على "الإقالة".
وتختلف سيناريوهات استقالة رؤساء النوادي الجزائرية، كاختلاف حججهم في العودة من جديد، لتبقى النوادي على اختلافها وجماهيرها الخاسر الأكبر في هذه المسلسلات، طالما أنّ النتائج تتأثر حتما بعدم الإستقرار الإداري، ما يفرز استفهامات بجملة حول "نزاهة عرابي الأندية" وهالة "تغليب المصالح الشخصية للرؤساء على المصلحة العامة".
