يعيش نادي مولودية الجزائر، عميد الأندية الجزائرية وأكثرها شعبية، أصعب
فترات تاريخه العريق، إذ يواجه مشاكل إدارية ومالية جمة قد تهبط به إلى
قسم الهواة. ومنذ تطبيق قانون الاحتراف في الدوري الجزائري، تقدم العشرات
من المستثمرين لشراء غالبية أسهم النادي، لكن ما وصفه مراقبون بتعنت
المسؤولين الحاليين جعل "العميد" يواجه خطر الإفلاس بسبب الديون التي يعاني
منها.
ويبدو أن آراء الشارع الرياضي ومطالب مشجعي الفريق "الأخضر والأحمر"
تطابق تحليلات المختصين والمقربين من بيت المولودية، إذ حمل إعلاميون
-استطلعت الجزيرة نت آراءهم- عمر غريب منسق فرع كرة القدم، والذي يعد
بمثابة رئيس النادي، مسؤولية الحل الوحيد لتفادي انهيار أعمدة "العميد" هذا
الموسم.
ولم يتردد الصحفي الرياضي بصحيفة الخبر رفيق وحيد في التنديد بإدارة
النادي واعتبارها بعيدة عن الاحترافية، مبديا حيرته الكبيرة "من وصول غريب
إلى منصب يخوله التلاعب بالنادي العريق"، قائلا إن "المسؤولين يحاولون بيع
النادي وكأنه سلعة ولا يفكرون إلا في الأموال التي قد يحصلون عليها من خلال
الصفقة".
من جهته اعتبر الصحفي الرياضي بجريدة الشروق نبيل بلحيمر أن "المشكلة
الأساسية التي خلقت الوضع الحالي تكمن في صراعات المصالح الشخصية التي راح
النادي العاصمي ضحية لها".
وعبر بلحيمر عن أسفه "أن يعيش فريق كبير مثل المولودية هذه الوضعية"
مطالبا "بفتح المجال للمستثمرين وتبسيط الإجراءات لهم لأن بقاء الوضع على
حاله يعني أن الأندية الجزائرية لن تبلغ درجة الاحتراف الحقيقي".
" ظريف: لونغار وعد بتشييد مركز تكوين خاص بالفريق سيتم تصميمه بمعايير عالمية، وقبل ذلك يعتزم تسديد كل الديون التي تثقل خزينة النادي " |
مستثمر مغترب
بدوره،
يرى الرئيس السابق للمولودية عبد القادر ظريف أن فتح المجال للمستثمر
الجزائري المغترب إيدير لونغار من شأنه إنقاذ النادي من الإفلاس المالي
وتفادي الفشل في الموسم المقبل.
وأكد ظريف -الذي ساهم في تحقيق أول إنجاز قاري للجزائر عندما توج بكأس
الأندية الأفريقية البطلة إضافة إلى البطولة والكأس المحليتين سنة 1976-
أنه سيعمل جاهدا لمساعدة رجل الأعمال لونغار "لانتشال أعرق ناد جزائري من
المياه العكرة التي يغرق فيها ببطء".
وأشار بحديثه للجزيرة نت إلى "أن لونغار يعمل باحترافية ولديه برنامج
مفصل للسنوات الخمس المقبلة، كما أنه سيضخ أكثر من أربعة ملايين دولار في
خزائن شركة المولودية المفلسة حاليا بسبب التسيير العشوائي والمشبوه
للموارد المالية والاختراقات الفادحة للقانون التجاري".
ولم يتردد
ظريف في شرح المشروع الأولي للونغار، قائلا إن ثروته تقارب المليار دولار
ولديه الإمكانيات المادية والبشرية لتولي مهامه كرئيس للنادي ووضع حجر
الأساس لمشاريعه الضخمة كمرحلة أولى.
وأشار رئيس المولودية السابق إلى أن لونغار وعد بتشييد مركز تكوين خاص
بالفريق سيتم تصميمه بمعايير عالمية، وقبل ذلك يعتزم تسديد كل الديون التي
تثقل خزينة النادي، "فهذا الرجل سيقدم الكثير للمولودية عكس ما فعله العديد
من المسؤولين قبله".
عكس التيار
ويبدو
أن السلطات المعنية تبحر بدورها عكس التيار وتحاول عرقلة استثمار رجل
الأعمال الجزائري، إذ لمس المقربون من بيت العميد نوعا من التحفظ بشأن قضية
امتلاك النادي من قبله، رغم أنه رفض الرضوخ إلى المطالب "غير المنطقية"
التي حددها عمر غريب للتخلي عن منصبه.
وقال ظريف إن غريب ذهب إلى حد "اشتراط دفع أكثر من ستمائة ألف دولار في
رصيده البنكي الشخصي إضافة إلى مساعدته حتى يتمكن من الاستقرار في أوروبا".
يذكر أن غريب -الذي ماطل وتهرب من الإدلاء بأي تصريحات للجزيرة نت
للتعبير عن موقفه- بات رجلا مغضوبا عليه حسب ما أكد عدد كبير من أنصار
النادي الساخطين على "تصرفاته الأنانية" التي اعتبروها السبب الأول في أزمة
الفريق الجزائري الذي يمتلك أكبر قاعدة جماهيرية في البلاد.
ورغم الاحتجاجات التي قام بها أنصار الفريق وتجمعهم بعشرات الآلاف في
الأحياء الشعبية وتنظيمهم مسيرات ضخمة بالعاصمة الجزائر، إلا أن الإدارة
الحالية واصلت تعنتها وأبت الرحيل وتسليم مفاتيح حكم النادي إلى غيرها،
ليبقى مستقبل "العميد" غامضا وسط حيرة أنصاره ومحبيه.